قراءة أصولية في فقه الإمام الخوئي
أحكام الردة انموذجاً
ا.د.عبد الأمير كاظم زاهد
عميد كلية العلوم الإسلامية/ جامعة كربلاء
المدخل:
مؤشرات عامة في سمات البحث العلمي عند الإمام الخوئي
ربما يحتاج البحث الأكاديمي حول مفكر أصولي في موضوع ما كتحديد القراءة الأصولية، التعريف بسيرة وشخصية ذلك الفقيه، وحيث إن موضوعنا حول الإمام السيد أبي القاسم الخوئي فلابد من تحليل المكونات العلمية لعقليته الفقهية، لكن لأننا نتحدث عنه في وسط عرف الإمام الراحل أكثر من معرفته البديهيات فصار نافلة بحثية، لكن يبقى كثير العارفين بتكونات الإمام الخوئي (قده) يحتاجون لتحليل النص الفقهي الاستعانة بتكون الشخصية الفقهية للإمام (1) .
لذلك نجمل القول في ذلك: فقد برع الإمام : برع في علوم عديدة فتدارسها وترك عليها أثراً بارزاً من الإبداع والتطوير ومنها إعادة هيكلية (علم الرجال) بعد ان محّص أصوله بلا زمن معين ولا مرحلة بعينها، ووصل بها إلى تأسيس المباني والقواعد الكبرى وعند ذلك رجحها بعد ان اثبت اعتبارها وأقام الحجة عليها، وبذلك أعاد لعلم الرجال (روحه العلمية) فازدهر هذا العلم من جديد، وسد فراغاً كان يتضاءل في مناهجه وحقوله، ومما لا شك فيه ان هذا العلم من مقومات الاجتهاد ومعداته الكبرى، لذلك ربطه الإمام الراحل بخط يتوازى مع الفقه والأصول وأزال القطيعة المعرفية بينهما على إني أظن إن تلك القطيعة كانت بسبب صعوبة الاحاطة بعلم الرجال وعدم إخضاعه لمنطق وقواعد عقلية الاجتهاد ولا يزال البعض يدرسونه دراسة مبنائية (2)
ثم ان الإمام الراحل هذب الى جانب ذلك، بتقريراته الرفيعة المستوى علم الأصول وعالج بقواعده التي هذبها مختلف الموضوعات الفقهية لاسيما المستحدثات الفقهية فهو إذن مبدع مؤسس في المجالين على اختلافهما * ثم انه وضع أسساً منهجية نظرية لتفسير القرآن الكريم – في سفره النفيس (البيان)، وطبق ذلك على مواضيع عدة أبرزها موضوع النسخ في القرآن الكريم فقد كان هذا موضوعاً قد كثر فيه السجال وعلى منواله نسج تلاميذه وغيرهم ممن شع عليه علمه مثل أستاذنا الدكتور الزلمي الذي لم يختلف معه إلا في مسالة واحدة (3) هي أية النجوى.
ومن أبرز مؤشرات بحث الإمام الراحل انه ربط علم الرجال والسيرة الرجالية ربطاً علمياً لم يكن معروفاً من قبل، على اني أتمنى ان يواصل البحث في علم الرجال، بعد ان أزال الإمام الخوئي كل معوقات البحث فيه ففتح سبله للباحثين من مراهقي الاجتهاد. ومما يؤسف له ان من مظاهر بحث حوزاتنا الموقرة إنها لا تواصل البحث تراكمياً فقد وضع مثلاً الإمام محمد باقر الصدر أساسيات علم اقتصاد إسلامي، ومصرف إسلامي وأعاد الى طاولة البحث منهجية برهانية لدارسة التاريخ إلا إننا لم نواصل البحث في هذه المجالات ومثل ذلك لم يواصل العلماء البحث في علم الرجال على منهج الإمام الخوئي (قده) فيما بعد – على ما اطلعت عليه- مع قلة إطلاعي.
واعتقد ان كتابه ((معجم رجال الحديث)) يحتاج حالياً الى فريق عمل من المؤرخين لاثراء هذا التأسيس المعرفي المبدع لكي تثبّت فيه المعلومة التاريخية عن السيرة والحدث وعصر الراوي، لكي تتضح معالم التموضع في حيثيات التعديل او التضعيف، لان الكتاب اعتمد على الرافد الرجالي فقط مما افقده ما يكمّله من الرافد التاريخي ويحتاج لإبراز المفاهيم والقواعد الجديدة في بحث الإمام الراحل التي سطّرها بتواضع العلماء في ثنايا المعجم، مستقلة عن الكتاب بما يحقق عندنا قواعد جديدة للدراية لاسيما وقد برهن على انها مقاييس برهانية للتوثيق والتعديل، فما اكثر ما نسف مما عرف في هذا العلم لضعف حجته او لوجود ما يخالفه، فالوكالة عن الإمام (ع) عند السيد الخوئي لا توجب التوثيق، وتوثيقات المتأخرين لا قيمة لها إذا كان للقدماء رأي في الراوي، وما أكثر ما كشف من اتحدوا في الاسم والكنية مما أغفله باحثون كثيرون وعلى تلك القواعد أبرز رأيه في عدم صحة العمل بالشهرة مطلقاً واختار لابدية الإحالة على السند الممحص، وتقاطع تماماً – وهو هنا أكاديمي بارع – مع من يرى قطعية صدور الكتب الأربعة، الذي لا تزال قطعية الصحاح مشكلة فكرية ومنهجية كبرى لم يستطع ان يعالجها اهل الصحاح (ونشهد انه قد كثر الخلاف بينهم).
لقد نقل الإمام الراحل القواعد البرهانية من علم الأصول الى علم الرجال فلم يساوي بين موثق بدلالة المطابقة وبين الموثق بدلالة الالتزام، أما في التضمن فقد وثق على أساسها اسناد كامل الزيارات الذي عرفت إن الإمام رجع عن رأيه في أواخر عمره الشريف مما يؤكد علمية العقل الاجتهادي عنده، ولو يعرف الناس كم بنيّ من فروع على توثيق إسناد كامل الزيارات، لعرف الشجاعة العلمية للإمام (قده) وتقواه مجتهداً أكبراً حينما يتوصل الى إعلان التنصل عن رأي منهجي له آثار كبيرة مثل كامل الزيارات(3) . كان قد مضى على تبنيه له عشرات السنين ولم تخالجه أدنى درجة من الخوف وهو يبطل رأي من يرى صحة روايات الكافي مطلقاً في وسط عصفت به ((قيم التقليد)) ولم يتناوله خوف في موضوع الشك في نسبة كتاب ابن الغضائري إليه، وما في هذا النفي من فوائد كبرى ومع ذلك – وفي المقابل- ولأجل ألا ينسد باب العلم- قال بحجية خبر الواحد وحجية الظواهر، مما يكشف لك ذلك التعادل والوسطية والتوازن المدهش في فكره العلمي ولعل هذه إطلالة سريعة على مزايا العقل الاجتهادي لمرجع أتباع أهل البيت (ع) وأخيراً يقرر الباحث ان الإمام الخوئي الذي تميزت مرجعيته بكثرة من تتلمذ عليه حتى وزع علمه في الآفاق فمتى تجد عملاقاً في العلم فانه يقول لك انه تتلمذ على يده (قدس الله روحه) ولقد كان بودي ان أدرس كيف عالج الإمام الراحل بحكمته العالية والمتعالية أحداث عصره، وكيف حافظ على أدنى وجود للشيعة في العراق عامة والنجف الأشرف خاصة في وجه الاكتساح الطائفي المتعصب المسند من قوى دولية بامكانات مجتمع مغلوب، مثل المجتمع الشيعي في العراق بين 1970-1992 بحيث لم يفارق الحياة حتى قاد بعد اشتد العود وتصلب الموقف انتفاضة المجد في شعبان، لكني آثرت بحثاً فنياً ولعل وقتاً آخر يتسع لمثل هذه الأمنية. بالتعاون مع الباحثين في مجال الحدث التاريخي والاستراتيجيات السياسية والمحللين السياسيين لأحداث انتفاضة آذار المجيدة 1991.
المبحث الأول
فقه الردة في تكملة منهاج الصالحين
سبب الاختيار: لماذا فقه الردة ؟
لابد من التقرير اولاً ان تكملة المنهاج نص فقهي غير استدلالي، أو يعسر على الباحث ان يحصل على نص استدلالي منه، فتوليت قاصداً رصد معاني الاستدلال على ضوء ما عرفته من منهج الإمام قبل الوقوف على مباني تكملة المنهاج وحتى أقارب موضوعاً حساساً مثل فقه الردة لم يخضع لدراسة مشبعة أ ولم يتم تناوله على أساس علمي او ربما درس دون نشر النتائج فلابد أولاً من بيان أسباب الاختيار.
ان موضوع (الردة) وأحكام المرتد قد خامره ((اضطراب النظرية والتطبيق)) منذ العصر الأول لنشر الفقه الإسلامي فلقد اتهم بالردة مؤمنون مخلصون مثل مالك بن نويرة واتهم بها مفكرون مجددون وقتلوا بهذا الاتهام واستخدمته السلطات المتعاقبة سيفاً لممارسة الاغتيال السياسي تحت عنوان الزندقة وصار التمرد على السلطة، تمرداً على الشريعة (وارتداداً) عنها. لذلك صار من الضروري إعادة النظر برؤية نقدية للتراث في هذا المجال ، وهو اليوم اكثر حساسية لكثرة المجموعات التي تستخدم التكفير كوسيلة للإقصاء والتهميش بل والتصفية العقائدية والسياسية، وكذلك فان أزمات الساحة الدولية وما فيها من تيارات فكرية ومناهج مستحدثة وما فيها من قدر كبير من الإسقاط على العقل العربي بحيث سيشكل (عاملاً) أو (عواملاً) تفتح الباب أمام توهم حصول الارتداد. ومما يزيد في الموضوع خطورة ان الدعاية الغربية المنظمة بالتقنية العالية ربما تستغل هذا الاضطراب في فقه الردة وقضاء المرتدين لأغراض إدامة الحرب المنظمة بين المسلمين سواء بتشجيع الاحتراب الداخلي او بإسقاط القيادات المجددة، إسقاطاً معنوياً لأجل هذا كله نحاول استنطاق نص الإمام الراحل في ((فقه التكملة)) حول الردة اولاً ثم آلية الاستدلال الأصول في ((مباني التكملة)). وقد اخترت مجموعة مفردات من فقه الردة أتناولها على التوالي:
تحديد المرتد
يقرر الإمام الراحل ان المرتد: هو من خرج من دين الإسلام (4) ويفهم من الخروج: التنصل التام، ولفظ الدين يشتمل على عموم الموقف العقائدي والتشريعي والأخلاقي، وهذا لا ينطبق على من يرى ان المرتد هو من انكر ضرورياً من ضروريات الدين – إلا على افتراض ان إنكار البعض انكار للكل وهذا الافتراض يحتاج الى مقدمات اثباتية، فإذا كان الأمر كذلك فان إنكار حكم شرعي فرعي قد ثبت بدليل ما لا يقوى ان يكون محلا للحكم بالارتداد، لأنه في الأقل ليس خروجا عن الدين إلا إذا قلنا ان الإنكار نفسه انكاران: الإنكار الكلي، أو إنكار ضروري، او إنكار حكم فرعي ثابت بدليل قاطع وهذا بدوره ينقسم الى ما كان مستنداً الى دليل يتصوره (المنكر) انه دليل علمي، وما كان مستنداً الى شبهة معقولة، وما لم يكن مستنداً الى دليل او شبهة، والقسم الرابع ما حكم بردة المخالف للمشهور (5).
فلكل مستوى من مستويات الارتداد حكم إذا تقبلنا فكرة تجزيئية المفهوم او تفكيكه على صعيد إطلاق الوصف، وحيثية الحكم، وطريقة تطبيق الجزاءات التي سترد في فقرة لاحقة، ولعل الإمام الراحل حينما اختار عبارة (الخروج عن الدين)، فان هذا الخروج يلزم ان يتحقق بالكامل في مجال المصداق لكي ينطبق المفهوم وإلا فان إطلاق وصف الردة وتطبيق الجزاءات بالاسناد الى دمج المستويات او ما يطلق عليه في الاصطلاح الحوزوي (عموم الأدلة) فانه من باب التمسك بالعام في مقام الشبهة المصداقية، ولان الحكم لا يثبت موضوعه انما يطبق على موضوعه فان اكثر الفقهاء والأصوليين لا يقبلون هذا النمط من التفكير الفقهي (6). وستجد ذلك جلياً في تأسيسات الأحكام عند الإمام الخوئي (قده).
ومن المهم ان نلفت النظر الى ان فقه المذاهب لم يقسم المرتد قسمة ثنائية كما هو الحال في فقه الأمامية بل تعامل مع الظاهرة تعاملاً واحداً، بينما قسم الأمامية المرتد الى قسمين بحسب دخوله أصلاً في الإسلام الى مرتد فطري، وملّي، وقد فصل الإمام ذلك تبعاً لتواتر التقليد الفقهي. قال الإمام الراحل: الفطري: من ولد على الإسلام من أبوين مسلمين، او احدهما ثم خرج من الدين، والملي: من أسلم عن كفر ثم ارتد ورجع إليه.
وقد ظهرت ثمرات التقسيم في إجراءات التقاضي وتطبيق العقوبة بشكل منظم بينما اضطربت آراء فقهاء المذاهب في إجراءات التقاضي وتطبيق العقوبات على المرتد من أبوين مسلمين او احدهما، من المرتد ان كان قد اسلم هو عن كفر ثم رجع له (7) وظهر ذلك في الاستتابة (8) ومصادرة أموال المرتد (9) وظروف الجريمة (10) بعامة إلا ان في أروقة فكر مجتهدي الأمامية خلاف بسيط في مصداق المرتد الفطري. فمنهم من يرى ان انعقاد النطفة من ابوين مسلمين (لمولود فيما بعد) يرتد فهو مرتد فطري، بينما يذهب الإمام الراحل الى انه المولود لأبوين مسلمين، جاعلاً المدار على الولادة (11)، لصعوبة الإثبات القضائي في الرأي الأول، وقد كان الشيخ صاحب الجواهر من قبل يستغرب هذا المدار من الفقهاء الذين سبقوه مؤسساً استغرابه على ان المراد اصل الخلقة لا خصوص التولد (12)، ولعلك تسأل عن الثمرة من الرأيين فيقال انهما – الوالدان – لو (ارتدا) وهو جنين فإنهم يعاملونه على مدار انعقاد النطفة مرتداً فطرياً، وإذا كانت القاعدة ان الشك يفسر لمصلحة المدين (المتهم) او ان الحدود تدرأ بالشبهات مقابل حق المجتمع في وقف ممارسة الإلحادية بعد الإسلام، فان الضبط المصداقي في الحكم عند السيد أكثر أكاديمية. ولعل العبارة الأكثر رصانة ما وردت في كشف اللثام حيث قال (من لم يحكم بكفره قط لإسلام أبويه او احدهما حين ولد، ووصفه الإسلام حين بلغ، فلو بلغ كافراً لم يكن مرتداً عن فطرة) وقد علّق عليه صاحب الجواهر بانه لا يخلو من قوة (13)، أما مستند السيد الخوئي فهو صحيحة الحسين بن سعيد (14)، ومرفوعة عثمان بن عيسى التي تنص على الولادة، ومع ذلك يستغرب صاحب الجواهر ممن يرى ان المدار على الولادة ويعتذر لهم ان منشأ الوهم النصوص المتقدمة ثم يفسرها بان المراد من الولادة (أصل الخلقة لا خصوص التولد) للغلبة (15) وهنا يظهر التفهم الاجتهادي للرواية ويبنى الحكم (الموقف) على أساس احد وجوه الدلالة المستفادة من النص، لكن هذا فيما نتمنى لا يؤسس اقصائية الفهم الآخر سواء في صياغة الخطاب الفقهي- او التعامل على أساس الموقف الفقهي. ولا أجد محاورات مهمة في المرتد الملّي عند الأمامية، وفيما يأتي جدول مقابلة بين المرتد الفطري والملي:
المرتد الفطري
المرتد الملي
1- يجب قتله بلا استتابة على (الأشهر).
يستتاب (مع اختلاف في مدة الاستتابة).
2- تبين منه زوجته وتعتد عدة الوفاة.
ينفسخ العقد مع زوجته وتعتد عدة المطلقة.
3- تقسم أمواله حال ردته لورثته.
خلاف في مآل أمواله في حالة قتله.
مقاصد النص الحديثي
حتى نتحرك خلف مقاصد النص الحديثي فان ((الحكم بقتل المرتد الفطري – بلا استتابة – على رأي فقهاء الأمامية، وبشرط الامتناع عن الاستتابة عند المرتد الملي، فان التسويغ المتعقل هو ان النص على كون الردة عمل جرمي والقانون يجعل هذا الفعل من جنس العلاقة الدستورية بين المواطن والدولة، لان الردة فعالية عقدية وسياسية تسبب أضرار على الأمن العقائدي والثقافي للمجتمع وفي التجريم إقرار على ان المجتمع في عرف الإسلام مجتمع عقائدي في الوقت الذي ينفتح في إعطاء حق المواطنة للمسلم وغير المسلم ويضع لكل منهما حقوقه وواجباته ويقبل الله (تعالى) من المسلم على أساس ان إيمانه لم يأت ايماناً سطحياً تقليداً لأحد او اتخاذاً سريعاً لقرار مهم، انما يطالبه البارىء ان يكون ايمانه ايماناً عقلانياً برهانياً يعتمد على آليات فلسفية تأملية، فالفقهاء جميعاً يتسالمون على ان الايمان بالأصول لا يصح بغير امتلاك الأدلة اليقينية فلا تقليد في الأصول، وما دام الأمر كذلك فالردة انتقال من المعقول الى اللامعقول، ومن الرشد الى الغيّ. وحيث لا أسبقيات فكرية لدى المرتد الفطري لتطابق عقيدة الإسلام مع مقتضيات الفطرة الإنسانية فان الإسلام تحقق عنده فطرياً أي تحقق التطابق ولذلك فالردة هنا مضادة مع الفطرة ومضادة مع العقل والمنطق، فضلاً عن ان نظام الدولة في مجتمع إسلامي يقوم على تنميط الوعي العقائدي واستناد التشريعات العملية على الإيمان من مستوى (أحكام الفرد الى أحكام القانون الدولي للكيان السياسي الإسلامي)، فمقتضى الردة ((عدم التزام المرتد بكل هذه)) وبذلك يشكل ظاهرة خطيرة على أمن المجتمع وانضباطه بقوانين الدولة، ويشكل أيضاً خروجاً عن أهداف الأمة ومسارها الحضاري، لذلك كله جاء هذا الحد (العقوبة) بهذه الصارمة، في حين ان المرتد الملي، قد روعيت فيه الأسبقيات الفكرية التي كانت جاثمة في عقله ووجدانه، وانها ربما تعود إليه بسبب تشكيلها في عقله المعرفي، ولا افهم الاستتابة هنا إلا انها فرصته لمراجعة عقلية ومناظرة برهانية بين ما يتصور ظهوره من مضادات بين الحقائق الإسلامية والشبهات التي يعد تاريخه الثقافي مصدرا‘ً لها.
ومثل ذلك ما نلاحظه في علاقته الزوجية بين البينونة الكبرى وانفساخ العقد بالنسبة للملي، لقاعدة عدم صحة زواج المسلمة بغير المسلم، وهي من القواعد المتفق عليها بلا خلاف مطلقاً، لان البينونة الكبرى ليس وراءها رجعة بينما الانفساخ يمكن ان ينعقد صحيحاً مرة أخرى طالماً أعطى الآخر حق الرجوع الى الانعقاد الصحيح بالاستتابة، ولأن القانون يحكم بموته سواء نفذ الحكم أو لم ينفذ على الفطري لذا قضي بان تقسم أمواله بين ورثته المسلمين استصحاباً (لوضعه الأول: الإسلام)، لاعتبار انطباق قواعد الإرث على المسلم، بينما لا تزول أموال المرتد الملي حال ردته انما تنتظر استتابته فان تاب عادت أمواله الى ملكيته وإلا وزعت أيضاً بين ورثته (على خلاف بين الفقهاء) بينما – لا توجد هذه التفصيلات في فقه المذاهب الأخرى فهم بين موجب للقتل ملياً كان المرتد أو فطرياً، وبين موجب لاستتابتهما معاً واختلفوا في مدة الاستتابة بين من يرى مداها لا يزيد على ساعة (14)وبين من يحددها بـ (ثلاثة أيام)، وبين من يترك حق الاستتابة إليه إذ لو طلبها المرتد أعطيت له وإلا فيقام عليه الحد. وكذلك اختلفوا في الميراث فابي حنيفة يضع ميراثهما لورثتهما مطلقاً أما مالك فيجعله في بيت المال أما ابو يوسف فيفصل فيرى ان ما اكتسبه في حال ردته فهو (فيء) تطبق عليه أحكام الفيء، وما اكتسبه قبل الردة فلورثته من المسلمين، لحديث (لا يتوارث أهل ملتين)، في حين ذهب عمر بن عبد العزيز الى جعل ورثته في الكفار الذين يرثونه طبقاً لما جرى عليه العرف عندهم (17).
شروط تحقق الفعل الجرمي
ذهب الامام الراحل (قده) الى انه يتحقق الارتداد مشروطاً بـ (البلوغ، وكمال العقل والاختيار). ولم يفصل في المنهاج فاعفي الصبي من العقوبة وان ظهر منه، ولفظة (الصبي) غير محددة فقهاً وقانوناً، الا انه ورد في الجواهر قيد بعد لفظة الصبي قال (وان كان مراهقاً) ثم اسند ذلك الحديث رفع القلم (18). ثم عقب فقال (الا انه يؤدب بما يرتدع به خلافاً لرأي الشيخ الطوسي في الخلاف فيما يخص المراهق لخبر (الصبي اذا بلغ عشر سنين ...) (19) بيد ان صاحب الجواهر يرى (شذوذ الحديث، وعدم صراحته، وانه معارض بما هو أقوى منه من وجوه) وكل ذلك يمنع العمل به (17).
وفي فقه المذاهب أربعة اتجاهات:
1. ان إسلام الصبي المميز لا عبرة به لأنه لا يحصله باليقين والبرهان وعليه فردته لا أثر لها وهو قول (الشافعي). مستنداً إلى حديث رفع القلم ويعبرون عنه بأنه مسلم حكماً أو تبعاً.
2. ما يرى صحة إسلام الصبي المميز وهو قول لأبي حنيفة ومالك، مستندين الى قوله (ص): ((أمرت ان أقاتل الناس)) وإسلام الامام علي (ع) وقبول الرسول بيعته واسلامه، وعليه فاحكام الردة تنطبق عليه. بيد ان الحنابلة وضعوا شروطاً منها ان يكون الصبي قد تعقل الاسلام وان يتجاوز عشر سنوات لان النبي امر بضربه على الصلاة وهو ابن عشر.
3. من يرى ان صحة الإسلام منه لا توجب إيقاع عقوبة الردة عليه، أي إنهم يرون انه متى صح إسلامه صحت ردته لكنه لو ارتد لا يقتل إنما يحبس اذ لا قتل الا على البالغ فيحبس حتى يبلغ ثم يستتاب.
4. منهم من يرى صحة الإسلام منه، ولا تصح الردة منه وقوعاً وأثراً. وكذلك المجنون(19).
الإكراه وإسقاط الجرم
أما الإكراه فهو مسقط للعقوبة لاسيما ما ليس مانعاً من صدور الفعل الجرمي عند الفقهاء لذلك اشترط الإمام الراحل لإسقاط العقوبة ان تقوم القرينة على تحقق الإكراه وبذلك يؤكد أكاديمية التفكير الفقهي وعمليته، لاعتبار ان الإكراه شرط من جهة، ومانع من جهة، وهو بذلك يندرج تحت الحكم الوضعي، ففي مجال القضاء فلأن أصل المسألة من جملة الإجراءات الجنائية فلابد من توفر القرينة لتحقق أي حكم قضائي مسقط للعقوبة او مثبت لها، الا ان ما يعارض هذا المنحى أولئك الذين يتمسكون بقاعدة ((الحدود تدرأ بالشبهات)) فلمجرد ادعاء الإكراه فان ذلك يعد منه تراجعاً، ويقيم ازاء تطبيق الحد شبهة وأظن ان مناط الاكراه بحاجة الى تحقيق وتحديد لان الإكراه المباشر مقطوع بمسقطيته للعقوبة، وهناك في عالمنا اكراهات غير مباشرة منها الانغمار الاعلامي او الاسقاط الفكري والمعرفي الغربي على العقل الاسلامي وهذا غير ملاحظ ولا معتبر في الفقه التقليدي.
مما يلفت النظر في فقه السيد الخوئي رأيه الرائع في قضية المرتد الملي فانه (قده) يقرر ان امواله لورثته من المسلمين الا اذا لم يكن له وارث فيرى ان المشهور – (وهو يقف من الشهرة موقفاً متحفظاً) يقرر ان وارثه الإمام (بيت المال). ولأجل ذلك :
يقول الإمام الخوئي (قده) – (وهو لا يخلو من إشكال) (22)، ويعلل ذلك بانه كالكافر الأصلي استصحاباً فيقرر ان أولاده الكافرين يرثونه في هذه الحالة.
ويلاحظ في فقه الإمام الخوئي (قده) انه يطبق قاعدة شخصانية العقوبة تطبيقاً رائعاً. فولد المرتد عنده – قبل البلوغ – محكوم بالاسلام، يرثه، ولا يتبعه في ردته إلا إذا بلغ فأظهر الكفر تضييقاً لسلطة القاضي أو تعسف التأويل لصالح الحق العام على حساب الحق الشخصي، ولو أظهر الولد بعد بلوغه الكفر فلا يعامل مرتداً، بل يذهب أبعد من ذلك في قوله انه (حتى لو ولد له ولد بعد ارتداد الأب كان المولود محكوماً بالإسلام، ويسوغ ذلك بقوله ان انعقاد النطفة من أحد الأبوين مسلماً يكفي في جريان الإتباع وان ارتد الثاني بعد ذلك(23).
المرأة وأحكام الردة
المرأة أما هي التي ترتكب فعل الردة، فتترتب عليها أحكامها أو ينالها من أحكام المرتد إذا كان زوجها.
فالمرأة المرتدة في فقه الإمام الخوئي (قده) لو ارتدت عن فطرة، لا تقتل، إلا انها تبيّن من زوجها المسلم وتعتد عدة الطلاق ، وتستتاب فإن أصرت تحبس ويضيّق عليها، على حين ان مالك والاوزاعي والشافعي والليث يرون انها تقتل لعموم الحديث النبوي (من بدل دينه فاقتلوه)، أما الثورى وأبو حنيفة فانهم لا يرون قتلها كالأمامية مستندين في ذلك الى ان ابن عباس هو راوي الحديث لم يقتلها وراوي الحديث اعلم بتأويله مضافاً الى ان رسول الله (ص) نهى عن قتل النساء أو قتل الكافرة (24)فإذا كانت الكافرة لا تقتل للكفر الأصلي فأولى أن لا تُقتل لكفر طاريء، وبرأي الأمامية وأبي حنيفة أخذ قانون العقوبات المصري في تعديله في المادة (160) (25) والفارق ان فقه ابي حنيفة استخدم تأويل الراوي، والحديث لمعارض على عمومه، والقياس بينما استند الأمامية الى نص حريز عن الصادق (ع) الذي يصرح بحبسها وكذلك صحيحة حماد (26) عن أئمة آل البيت (ع).
أما في زواج المرتد بالمسلمة فالحكم مستند الى الاتفاق على الحظر ، لكن بعض الفقهاء منعوا تزويجه حتى من الكافرة، يرد ذلك الإمام الراحل فيقول (وفيه إشكال) بل الأظهر جوازه لاسيما في الكتابية.
العود الى الفعل الجرمي
يؤكد أغلب الفقهاء ان من تكرر منه فعل الردة ثم تاب فيقتل في الرابعة وهو رأي الشيخ الطوسي وقيل في الثالثة، يقول الامام (وكلاهما لا يخلو من إشكال والأظهر عدم القتل)(27).
وسبب الإشكال ان استدلال الشيخ الطوسي بإجماع الأصحاب (استناد على الشهرة) وان الإجماع أعم من المدعي (ان أصحاب الكبائر يقتلون في الرابعة)والمرسل الذي رواه في المبسوط وروى مرسلٌ يعارضه، وهذه جميعاً لا تقوم بها الحجة.
السكران والردة
يرى ابو حنيفة ان السكران كالمجنون فلا يصح اسلامه ولا تصح ردته، معتمدين على أصل الاستحسان لان حكم القياس عندهم انهما يصحان منه لأنه كالصاحي في اعتبار أقواله وأفعاله، لكن كون الردة تبنى على الاعتقاد والسكران بمعزل عن ذلك، والظاهرية أيضاً لا يعتبرون أي فعل صدر منه، أما الامامية وإن كان الأصل انه يحكم باسلامه وردته إلا ان اليقين بزوال تمييزه بالسكر. والتمييز شرط في التكاليف عقلاً وشرعاً فقد رجع في الخلاف عن مقتضى القاعدة، لعدم توفر القصد، والشيعة إذا أبطلوا طلاق السكران فمن باب أولى إبطال الحكم بردته في حالة سكره، أما الشافعية والمالكية والحنابلة والزيدية فلديهم قولان، الراجح منهما مقتضى قاعدة إمضاء تصرفاته إلا انهم يميلون للمرجوح.
المبحث الثاني
آليات الاستدلال الأصولي عند السيد الخوئي في فقه الردة
الحكم الفقهي عند عموم الفقهاء عملية عقلية ذات مرجعيات دليلية واستدلالية فلابد لكل حكم من دليل، واستدلال محكم طبقاً لذلك الدليل (الدلالة Semantics ) فمن جهة الدليل:
1) فإننا نلاحظ ندرة واضحة في الاستدلال بالنص القرآني(28) وسبب ذلك ان السمة الدستورية للآية القرآنية كانت في صدد ((تجريم الفعل)) فقط والإشارة الى عقوبة الآخرة أما العقوبة على الفعل فقد تركت للسنة النبوية وللتجربة السياسية لعصر النبوة أو حكومة الامامة لما ورد من قرارات النبي (ص) وأقواله، وقضاء الإمام علي (ع) في مثل هذه الواقعات، لذلك ظهرت السنةَ لاسيما بروايات أهل البيت لها اَسناداً للنبي أو اعتمادا على انهم لا يروون إلا عنه (ص) أو ما وافق روايته طبقاً لاعتقاد الأمامية بعصمة الأئمة (ع) أقول ظهرت واضحة أكثر مستندات أحكام الردة من النص القرآني، ولعل هذا الرصد عام في فقه السيد الخوئي، وفقه فقهاء الإسلام جميعاً.
2) ظهر ان الإمام الراحل لا يتعامل مع الروايات الواردة عن الائمة (ع) تعاملاً واحداً ذلك انه اعتمد على تفاوت القوة الملزمة للرواية من جهة درجتها في الاعتبار فمرة يسميها (صحيحة فلان)، وأخرى يطلق عليها (معتبرة فلان). وثالثة يشير الى ضعف الرواية فيجبرها اما بمعتبرة او مرسل او ما يصلح جابراً للضعف، او يترك العمل بها(29). وفي فقه الردة لاحظت ان السيد الراحل يرد الرواية لأسباب عدة منها:
أ- أما لضعف السند كما أشار في إحداها ان في سندها علي بن حديد وهو ضعيف(30).
ب- أو لكونها فتوى من الراوي واجتهاداً منه (مثل رواية جميل بن دراج) لأنه(31) قاس قتل المرتد إذا تاب وعاد ثلاثاً فقال (لم اسمع في هذا شيء لكنه عندي بمنزلة الزاني انه يقتل في الثالثة)(32) .
ت- لأن في سند الرواية مشترك مثل محمد بن سالم (بين الثقة وغير الثقة)(33).
ث- أو لكون متنها مخالف للمقطوع به.
3) فإذا خلا الفرع الفقهي من (مستند روائي) فانك تجد رحاباً عقلية فسيحة في أصول ومستندات السيد الخوئي للوصول الى الحكم ومن أبرز الآليات الاجتهادية العقلية: اعتماده على الملازمات غير المستقلة ((المرتبطة بالرواية ذات الصلة بالموضوع)) اعتماداً على استنطاق المفاهيم من النص أي الاجتهاد في خلفيات المنطوق.
ومنها: اعتماده على السيرة القطعية مثل المتولد من كتابي وقد أظهر الاسلام (اتقاءً للقتل) يقول الامام (لما جرت السيرة القطعية من زمن النبي (ص) قبول اسلام الكفرة لمجرد اظهار الشهادتين مع القطع بكونهم غير معتقدين حقيقة) فان ذلك ملزم لاعتبارهم مسلمين (قضاءً لا ديانةً)(34).
ومنها: تطبيق مبدأ او أصالة الإباحة – تكليفاً - يظهر ذلك في تعبيره (قده) لعدم الدليل على المانع على ان هذا المصطلح الاصولي مشترك الدلالة بين المانع بوصفه من اقسام الحكم الوضعي(35) او المانع مطلقاً بوصفه (المعارض الدليلي)(36).
وتجده في كثير من الأحيان يعول في استنباط الحكم على كونه ضرورة عقلية او منطقية مما يشعرك بانه يقرر فيه انه مما لا يحتاج الى دليل نصّي. او كونه من الواضحات التي يندر النقاش فيها.
واخيراً - والفسحة العقلية لا تزال رحبة - اعتماده على القواعد الفقهية سواء أكانت مقررة للحكم أو مانعة منه. ففي دعوى الاكراه – هل هو مسقط للعقوبة في حالات الارتداد ام لا، يرى الامام ضرورة قيام القرينة وإلا فلا أثر لها خلافاً لمن يرى سقوط الحد مع أي احتمال لصدق المدعي للإكراه تمسكاً بان الحدود تدرأ بالشبهات.
يقول الامام (لكنك عرفت ان هذه الكبرى لم تثبت، لانها اما واقعية او انها ثابتة واقعاً وظاهراً والثانية غير متحققة في المقام لتحقق الارتداد والشك في تحقق الإكراه، والاخير مرفوع بالأصل (37) .
مما تقدم يظهر لك:
1- ان العملية العقلية الاصولية الاستنادية عند الامام تشتبك فيها (قطعية صدور الدليل) مع قطعية انطباقه على الواقعة بما لا يقبل الفصل والتفكيك، فليس الاجتهاد عنده ربط الواقعة بدليلها الأصولي مطلقاً وتأسيس الحكم الفقهي على هذا الربط تأسيساً عمومياً، بل تجد تدقيقاً يشعرك بالعمق الدلالي.
2- وتجد ان ((تقليب السوابق الإفتائية)) في ضوء المنهج المتقدم يحقق إثراءً معرفياً ضخماً للموضوع المدروس.
3- ان نظرية منهج علمي يمكن إعادة تشكيل هيكله من خلال الممارسة الأصولية البارعة والمتمرسة عند الامام الخوئي – لطول الممارسة وتراكم الخبرة، أمر في غاية الامكان لذلك أدعو من هنا المفكرين والعلماء الى إعادة تحديث القواعد المنهجية للانتهاء من نظرية منهج اسلامية – طالما افتقدتها ثقافتنا المعاصرة.
استخلاصات البحث
لاحظنا من خلال العرض:
1. ان تحديد وضبط المصطلح والمفهوم عند السيد عن (معنى الردة) أخرج كل ما يمكن ان يكون ذريعة لقتل المخالف والمتأول والمعارض السياسي من الوسائل التي تمكن السلطة من اقصاء الآخر سواء السلطة السياسية او السلطة الدينية او المعرفية.
2. ان لثقافة الآخر امتدادات تبقى لفترة فان تقسيم المرتد الى فطري وملي مقدمة لتقسيمات جديدة يجب ان تكون محلاً للتنظير الفقهي المعاصر.
3. لاحظنا دقة اكاديمية رفيعة في مجالات متعددة من الاحكام وأسلوباً متميزاً في مجال منهج العرض، ومنهج المناقشة والاستردادية ومنهج الدليلية الاصولية، وأخيراً المنهج الدلالي في الافادة من الدليل وملازماته ومفهوماته (مفهوم الموافقة او المخالفة) في تأسيس الحكم الشرعي.
4. ولوجود تشريعات جديدة واستحسانات مرت بالبحث فاني أرى ضرورة التفريق – على منطق الامام الخوئي بين الفتوى والقضاء في مجال الردة
الفتوى : بيان الاحكام الكلية من دون النظر الى تطبيقها على مواردها، وهي حجة على المجتهد نفسه ومقلديه.
أما القضاء: فصل الخصومة بين استحقاقين (مورد الترافع) . ويميز القضاء أيضاً أنه نافذ حتى لو حكم باجتهاد من لا تقلده.
وقضية الردة: في أغلب مواردها قضية قضائية، فلابد من نظرة معاصرة كي لا تتحول خلافيات الفتوى الى (شبهات تدرأ الحد).
5. وعلى مستوى الفتوى او القضاء فلابد من :
أ- دراسة العوامل والظروف التي تؤدي الى الوقوع بالارتداد وتحديد معناه (مصطلحاً ومفهوماً) وطرق الثبوت والإثبات وشروط التحقق والموانع والأسباب.
ب- المعرفة اللازمة والواسعة بأدلة (أحكام الردة) ففي أدلتها تباينات دلالية كثيرة، فضلاً عن قضايا الصدور. لأن الأمر مما ثبت بالسنة دون القرآن.
ت- استخدام المعايير الاجتهادية لإرجاع الفروع المستحدثة الى أصولها مع الأخذ بالاعتبار القضية المعاصرة ومقتضياتها.
ث- دراسة قاعدة (الحدود تدرأ بالشبهات) دراسة جديدة وتحديد مجال نفاذها لاسيما في أحكام الردة.
ج- حصر موضوع الردة بالمختصين من الدرجة الأولى (المحكمة الدستورية العليا) لئلا يعاد استغلاله لأسباب سياسية او دوافع تخريبية.
هوامش البحث
(1) نشرت مصادر كثيرة السيرة العلمية للسيد أبي القاسم الخوئي يمكن الإفادة منها في تحليل التكون والتراكم.
(2) مقدمة معجم رجال الحديث، ط 1 1970 ، المدخل (مرتضى الحكمي). * ظ د. الزلمي: النسخ في القرآن الكريم.
(3) تراجع الامام عن توثيق كامل الزيارات، موضوع معروف لدى أوساط الاجتهاد.
(4) الامام الخوئي: تكملة منهاج الصالحين، ص 61، ط3.
(5) ظ عبد الكريم الاردبيلي : أحكام الارتداد، مجلة الحياة الطبية ع 9/2002، ص 11.
ظ محمد ابراهيم الجنابي: الارتداد، مجلة الحياة الطبية ع 9/2002، ص 153.
(6) ظ الامام المفكر السيد محمد باقر الصدر: الحلقات ج 3 ص 167.
(7) ظ الكاساني: بدائع الصنائع، ج 7/135، ابن قدامة. المغني 8/550 ، نعمان عبد الرزاق: احكام المرتد، 50-52، المحلي: ابن حزم 10/218 ، البحر الزخار 5/423.
(8) المصادر نفسها أعلاه.
(9) المصادر نفسها.
(10) المصادر نفسها.
(11) تكملة المنهاج ص 62.
(12) الشيخ محمد حسن النجفي: جواهر الكلام، ج 41، ص 609.
(13) المصدر نفسه ، ص 610.
(14) وسائل الشيعة ج ، ص ، رقم الحديث.
(15) الشيخ محمد حسن: جواهر الكلام، ج 41، ص 611.
(16) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن ج 3/47.
(17) م. ن. 3/47.
(18) جواهر الكلام ،ج 41 ، ص 611.
(19) ظ الخلاف : الشيخ الطوسي، ص 214. ظ: عبد الامير كاظم زاهد: منهج الشيخ الطوسي في كتابه الخلاف، مجلة فقه أهل البيت ، العدد 27، سنة 2002.
(20) جواهر الكلام، ج 41، ص 611.
(21) ابن قدامة: المغنى 8/563.
(22) السيد الخوئي: تكملة مباني المنهاج ص 62.
(23) م. ن. ، ص 63.
(24) د. أحمد الكبيسي: المختصر في الفقه الجنائي، ص 182.
(25) م. ن. ، ص 183.
(26) ظ مباني تكملة منهاج الصالحين ، ج 1، ص 332.
(27) تكملة المنهاج ، ص 63.
(28) لم يرد في مباني تكملة المنهاج مثلاً إلا الاستناد الى آية نفي السبل ظ 1/336.
(29) مباني تكملة المنهاج ، ج 1 /325، 326-337.
(30) م. ن. 1/333.
(31) م. ن. 1/332.
(32) م. ن. 1/332.
(33) م. ن. 1/333.
(34) م. ن. 1/333-334.
(35) ظ محمد تقي الحكيم: الاصول العامة. ص
(36) ظ عبد اللطيف البرزنجي: التعارض والترجيح ، ص 162.
(37) ظ مباني تكملة المنهاج، 1/329.